"نعيش على الماء".. صرخة أم فلسطينية من قلب خيام الجوع في غزة
"نعيش على الماء".. صرخة أم فلسطينية من قلب خيام الجوع في غزة
بصوت يملؤه الانكسار، تكشف الشابة الفلسطينية زينات في غزة لحظة العجز التي مزقت قلبها، عندما طلب منها ابنها طعاماً فلم تجد ما تقدمه له جراء الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، لافتة إلى أنها بكت كثيراً وطلبت منه أن يشرب قليلاً من الماء ليسد جوعه.
ليست زينات وحدها، بل آلاف العائلات الفلسطينية وجدت نفسها على شاطئ غزة، محاصرة داخل خيام مهترئة لا تقي برداً ولا تحجب جوعاً، بعد أن مزقت الحرب أوصال المدينة وأجبرت الأهالي على الفرار وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
نزوح قسري
نُصبت خيمة زينات وزوجها مؤمن أبو عصر على رمال الميناء البحري المدمّر، الذي تحوّل إلى آخر ملاذ للعائلات النازحة، منذ شهرين، يقيم الزوجان وأطفالهما في هذا المخيم المرتجل، بعد فرارهم من حي الشجاعية إثر أوامر الإخلاء الإسرائيلية الفورية.
يقول مؤمن بأسى: "تركنا كل شيء خلفنا، حتى الخيمة حملناها من بقايا الحديد".
أصبح الميناء، الذي كان يوماً رمزاً للحياة والصيد، اليوم مركزاً لتجسد الألم الفلسطيني في أبشع صوره، حيث تُكدّس الخيام بلا ترتيب، وتغيب كل مقومات الحياة.
يحاول أبو عصر أن يؤمّن قوت يومه لأطفاله بصيانة خزانات مياه صغيرة مقابل 5 شواكل، وهو مبلغ لا يكفي في ظل تضخم الأسعار الجنوني.
"الطحين وصل إلى 100 شيكل للكيلو. لا قيمة لما نكسبه"، يوضح مؤمن، مضيفاً: "صرنا نفضّل الموت على هذه الحياة".
طفل يبكي جوعاً وأم تواسيه بالماء
"ابني طلب طعاماً وبكيت لما لم تأتنا المعونات، قلت له اشرب ماءً.. نحن نعيش على المياه".
وتابعت: "الحمد لله اليوم حصلنا على طبق واحد من المطبخ الخيري الموجود في غزة.. أطعمت أطفالي وكأننا نملك الدنيا".
الخوف يطاردهم حتى في النوم
ليست الجوع وحده من ينغص عليهم حياتهم، فالحيوانات الضالة، الذباب، وانعدام النظافة، تحاصر العائلات ليلاً ونهاراً، تقول: "دخل كلب إلى خيمتنا بالأمس وظننته يسحب ابني، صرخت، وركض زوجي يطرده"، تقول زينات، "طفح الكيل، لم نعد نحتمل، قلوبنا انطفأت".
صرخة يأس: "اقصفونا وريحونا"
في لحظة ألم أقرب للانهيار، أطلقت زينات نداءً موجعاً للعالم: "إذا لم توقفوا الحرب وتجدوا حلاً لغزة، فلتجتمع الدول كلها وتقصفنا بقنبلة نووية.. لعلّنا نرتاح".
منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، يعيش المدنيون في ظروف إنسانية كارثية، وفقدت آلاف العائلات منازلها، وتقلصت مساحة القطاع المتاحة للمدنيين إلى أقل من 18%، فيما تستمر العمليات العسكرية في تهجير الناس قسراً، وتشير الأمم المتحدة إلى أن غزة تعيش "أسوأ أزمة إنسانية في تاريخها الحديث"، مع صعوبات في إدخال المساعدات وشحّ فادح في الموارد الأساسية، وقد نزح خلال الأسبوعين الماضيين فقط نحو 200 ألف شخص، فيما يُقدر أن أكثر من مليون فلسطيني باتوا بلا مأوى فعلي.
وأسفرت الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة منذ أحداث السابع من أكتوبر لعام 2023 عن استشهاد أكثر من 54 ألف شخص وإصابة أكثر من 122 ألفًا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال.